قبل اختراق وعي الشارع العربي، عندما كان مفهومنا للصراع لا يزال وطنيا وقوميا… قبل توقيع المعاهدات وقبل مفاوضات “السلام”، عندما كانت الولايات المتحدة لا تزال تُعتبر عدواً أول للشعوب، وعندما كانت “إسرائيل” لا تزال عدواً أول للعرب… قبل الريح الصفراء وانشطار المواطن إلى طوائف، عندما كنا نحلم بلا قيد، قبل أن يُعهّر مفهوم الثورة، عندما كان لكل مناضلٍ اسمٌ حركي، فلا نعرف مَن مِن المناضلين حولنا مسيحي أو مسلم أو سني أو شيعي أو درزي إلا عندما يستشهد… قبل الردة عن العروبة إلى القطرية، ثم عن القطرية إلى تفتيت الاقطار (أو إلى “فك الارتباط” مثلاً، من اليمن إلى الأردن)، عندما كان اللبنانيون والأردنيون وبقية العرب يتطوعون أفواجاً للقتال في صفوف المقاومة الفلسطينية، قبل… وعندما… كانت تلك مرحلة أكثر ضياءً، وكنت يومها تتأجج وكان يتأجج بركان الثورة الحقيقية. وإذ كنت كما كنتَ، فقد عجز الكبريت أن يحرقك كما أحرق غيرك، فبقيت أنتَ أنت..
فإن لم يُقدّر تضحياتِك أدعياءُ “الثورة” اليوم فلا تغضب، لأن القدر شاء لك، في هذه اللحظة الطائفية القذرة بالذات، أن تكون ككيانٍ، بحد ذاتك، مشعلاً مضيئاً في عصور الظلمات الجديدة، لكي تقول أن هذا الوطن لنا جميعاً، وأن مشعلك الثوري سيقدح من قبسه شمساً جديدةً على العرب لا محالة.
جورج إبراهيم عبدالله، مبروك قرار الإفراج عنك بعد 28 عاماً خلف القضبان.
البارحة في مساء عمان المثلج اهدينا اعتصامنا ال147 ضد السفارة الصهيونية لك، وأعلنا اعتزازنا بك، لأنك لم تبدل تبديلا، ولأنك قاتلت دفاعاً عن شرف الأمة ثم صمدت ثمانية وعشرين عاماً في السجن فبقيت وفيا على العهد.
الحمد لله على السلامة.
للمشاركة على الفيسبوك:
http://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=588228424527730&id=100000217333066